مقالات

أمواج انتخابية وأطر إعلامية

كتب د. محمد وليد صالح: التنافس بين المؤسسات السياسية أشبه ما يكون بصراع حقيقي على السلطة أحياناً لكنه محكوم بأُطر قانونية وثقافية، لعرض برامجها السياسية أم تقديم رؤية الكيان السياسي المستقبلية لشكل السلطة وامتيازاتها التي تعود على الجمهور، والتأثير في الرأي العام وصناعته، وفي هذا المجال يتم استثمار وسائل الإعلام وخدماتها لتقديم التغطيات الإخبارية ومحتواها ومعالجتها، لتقوية مكانة المؤسسة السياسية ودعم مواقفها المحددة والواضحة والسياسات المقبولة جماهيرياً.

 

إنَّ أهمية وسائل الإعلام في توعية جمهور الناخبين عبر الحملات تتضح من مساعدتهم والسماح لهم لأن يكونوا مطّلعين بشكل جيد بشأن خياراتهم، وإتاحة الفرصة لمراقبة العملية الانتخابية فيما إذا كانت تجرى بصورة حرة ونزيهة، عبر التقارير الإعلامية المنقولة حول الاستراتيجيات الأساسية التي تتبناها الكيانات السياسية للفوز بأصواتهم، وهذا ما يطلق عليه اسم (القاعدة السياسية) أو (نواة التصويت)، فضلاً عن مدى النجاح في جذب المساندة لكسب أصوات جديدة.

أن المحتوى الذي تتناقله وسائل الإعلام سواء أكان الصحافة أم الإذاعة أم التلفزيون أم صفحات التطبيقات الرقمية، أصبحت ضرورية لإنجاح الحملات الانتخابية، وفي بعض الدول تعتمد الكيانات السياسية على الزعماء والشخصيات البارزة، لإبلاغ الجمهور عن كيفية التصويت نحو مرشح ما في ظل الحرية الشخصية، التي يتمتع بها الناخب بعملية التصويت.

ومع انطلاق سباق الماراثون الانتخابي للمنظمات المرشحة لعضوية المجلس التشريعي، معتمدة على أساليب ممارسة العلاقات العامة عن طريق سعيها لكسب التأييد لبرنامج المرشح الانتخابي ونقل آراء الجمهور وأفكاره، فضلاً عن أساليب فن الظهور الدعاية لإقناع جمهور الناخبين ومخاطبتهم لتحفيزهم على المشاركة في عملية التصويت والاقتراع على الصعيد المحلي، والحصول على تقبله لبرامج هؤلاء وصولاً إلى تبني استراتيجيات وسياسات العمل.

إذ تتضمن أساليب التعبئة الجماهيرية للحملات الانتخابية خطباً عدة وتجمعات حزبية وملتقيات ومؤتمرات صحافية، وفي جميع هذه الحالات تقع على الإعلاميين مراعاة قيّم الموضوعية الإخبارية عند تناولهم لحدث ما، وأن يضمنوا قصصهم الإخبارية معلومات عن كلمات المرشح ورسم الأجواء الزمانية والمكانية والموضوعية التي ألقيت فيها الخطب، وكذلك ردود أفعال الجمهور العام وتعليقات الخصوم السياسيين وكيف يمكن لهذه الخطب أن تؤثر في مسار الانتخابات.

أما الحدث الانتخابي فيتضح من نمطين لوسائل الإعلام أحدهما (إعلام حر ومستقل أو غير الرسمي) ويعد أكثر حرية نسبياً في تسليط الأضواء على المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تهم كل أفراد المجتمع ويواجه نقد من الجمهور إذا أهملت قضاياه المهمة، ونمط آخر (إعلام مملوك للقطاع العام)، وهو ما يسمى بـ(الإعلام الرسمي أو شبه الحكومي)، وهو يعتمد على جمهور النخبة ويتجاهل إرادة الجمهور، على الرغم من وعي أفراد المجتمع ومعرفتهم بأحداث النشاط السياسي وتفصيلاتها، إذ إن حريات التعبير والنقد تضيّق نسبياً في ظل تطور الاتصالات والتكنولوجيا، التي تجاوزت سياسات الاحتكار، لأن إيديولوجيا الدولة والإعلام ترسم الخط السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك موقفها من عملية الاتصال وأدواره ووظائفه المتكاملة مع سائر مؤسساتها لتحقيق التوازن، الذي يؤدي إلى دعم قيّم ومصالح وأهداف القوى المسيطرة على وسائل الإنتاج الإعلامي في المجتمع.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى