مقالات
أخر الأخبار

إدارة الوقت

كتب عصام كاظم جري.. قالوا: “إنّ الوقت من ذهب”، وإهداره هو إهدار للمال. الوقت هو مقدار من الزمان، سواء طال أم قصر، وقت فراغ أو عمل أو راحة أو قراءة، أو نوم. وهو يُستعمل أيضًا بمعنى “مهلة”، ويأتي كذلك بمعنى “تاريخ مُحدَّد”. ونقول أحيانًا: “في مثل هذا الوقت من العام المنصرم”، ويُراد به ساعة محددة، مثل وقت العشاء أو وقت السفر… إلخ. تتجلى أهمية الوقت في كثرة ما أقسم الله تعالى به في كتابه العزيز، كقوله تعالى:

(وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)،)وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْر(، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى(، (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ)، (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ، وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).

وقد قيل في الوقت أبلغ الجمل والصور الشعرية، منها: أقوى المحاربين هما الصبر والوقت. الوقت مخلوق. الوقت الضائع لا يعود. الوقت هو أكثر ما نريده، لكنه أسوأ ما نستخدمه. الوقت الذي تستمتع بإضاعته، ليس وقتًا ضائعًا.سأذكر هنا بعض العوامل التي تُسهم في ضياع الوقت، منها: تأجيل المسؤوليات، ممّا يؤدي إلى تراكم المهام وتشتت الوقت؛ وهو ما يُعرف بالتسويف.غياب المنهجية في وضع الأهداف والتّخطيط للمستقبل، إلى جانب العشوائية والفوضى في التصرف بالوقت. الإحباط النفسي. كثرة الالتزامات الاجتماعية التي تشتت الانتباه. قضاء ساعات طويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعيّ مثل الـ”فيسبوك، واتساب، تيك توك، تيليغرام)… إلخ.تكرار الأنشطة اليوميّة، ممّا يؤدي إلى الشعور بالملل، وهو سبب رئيس في ضياع الوقت. كما أن بعض الوسائل مثل المقاهي والكافيهات والنوادي قد تُستهلك فيها الأوقات دون فائدة.وهنا أستشهد بعبارات وليم شكسبير عن الزمن”الزمن بطيء جدًّا لمن ينتظر، سريع جدًّا لمن يخشى، طويل جدًّا لمن يتألم، قصير جدًّا لمن يحتفل، لكنه الأبدية لمن يحب.»إنّ النجاح في إدارة الوقت يجب أن يبدأ من الحكومات، ثم الأسر، فرياض الأطفال، والمدارس، والمعاهد، والجامعات، ليشمل بعدها سائر طبقات المجتمع. وذلك بهدف خلق مساحة أوسع من النظام، مما يؤدي إلى تنظيم أمور الحياة كافة.وإذا لم نتمكن اليوم من النهوض بمنظومة أخلاقية متكاملة وجديدة تحترم الوقت، ولم نستطع إحداث تغيير شامل في قيمنا، فعلينا العودة خطوة إلى الوراء وفق منظور حضاري بدائي، من أجل إعادة بناء الثوابت من جديد. وهذه الثوابت، في جوهرها، لا تختلف عن المنظومة الحضارية المتقدمة في بعض الدول الأوروبية.إجمالًا، لا بدّ من تكريس الوقت لتطوّير قابليات الذات البشرية، عن طريق القراءة أو ممارسة أنشطة جديدة تواكب تطورات الحياة، مثل: ممارسة الرياضة أو الموسيقى أو القراءة والكتابة أو الحِرف بأشكالها المختلفة. أنا لا أكتب هنا عن فلسفة الوقت عند أفلاطون أو أرسطو، ولا عن المعادل العلميّ للوقت، بل أكتب عن “إدارة الوقت”، وأرى أن فلسفة الوقت تكمن في كيفية إدارته بشكل منتج ومفيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى