مقالات
أخر الأخبار

الانتخابات بين حرية الدعاية والانضباط الحضري

كتب د. سعد البخاتي: مع اقتراب موعد الانتخابات، تزداد حدة التنافس بين المرشحين، وتتحول شوارع بغداد إلى لوحة إعلانات ضخمة تعكس حرارة السباق الانتخابي، لكن هذا الحراك السياسي يقابله اليوم وعي رسمي متنامٍ، بضرورة حماية مظهر العاصمة من الفوضى البصرية، التي لطالما رافقت مواسم الانتخابات السابقة.

أمانة بغداد حددت هذا العام ثمانية أماكن محظور تعليق الدعايات الانتخابية فيها، وهي جدران المباني الحكومية والتعليمية والدينية، النصب والتماثيل والجسور والمواقع الأثرية، قطع الدلالة المرورية، الحدائق والمتنزهات، الجزرات الوسطية الضيقة، محيط الساحات والنافورات، وأي مكان يسبب تشويهاً للمنظومات الخدمية أو الممتلكات العامة.

هذه الخطوة ليست مجرد تعليمات، بل محاولة جادة لحماية الهوية البصرية لبغداد، ومنع تكرار مشاهد العشوائية التي شوّهت وجه المدينة في دورات سابقة.

ولضمان الالتزام، أعلنت الأمانة، عن غرامات مالية تستوفى من مبالغ التأمينات، مع رفع موقف تفصيلي يتضمن اسم المرشح وحزبه ومكان المخالفة إلى المفوضية.

أما المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فقد لوّحت بعقوبات قد تصل إلى السجن أو غرامة مالية تصل إلى خمسين مليون دينار عراقي، أو حتى استبعاد المرشح من السباق الانتخابي، وهو ما يعكس جدية الدولة في فرض النظام.

الأهم في هذه العملية هو التنسيق المستمر بين أمانة بغداد والمفوضية، إذ تم تشكيل لجان ميدانية لرصد المخالفات وإرسالها فوراً إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية، هذا التعاون قد يكون الخطوة الأولى نحو انتخابات أكثر انضباطاً وبيئة حضرية أنظف.

إن حماية جمالية بغداد، مسؤولية مشتركة بين المواطن والمرشح والدولة، فالدعاية الانتخابية يجب أن تكون وسيلة تواصل حضارية، لا وسيلة لتشويه الشوارع والجسور والحدائق، وإذا ما التزم الجميع بالتعليمات، سنشهد موسماً انتخابياً يليق بعاصمة تحمل إرثاً حضارياً يمتد لآلاف السنين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى