مقالات
أخر الأخبار

الصحافة المجانيَّة.. محتوى تنافسيٌّ ومجتمعي

كتب..  د. محمد وليد صالح عندما تضافرت جهود أربعة زملاء مهتمين لإصدار صحيفة يومية مجانية في العاصمة السويدية استوكهولم عام 1995، انبثقت تجربة الصحافة المجانية في أوروبا وكان اسمها (مترو) توزع بين مرتادي قطار الأنفاق، إذ تقدم عرضاً موجزاً للأنباء بأسلوبٍ مسلٍ ومفيد، لغرض اجتذاب قرّاء جدد من سكان المدن خاصة الذين لايولون نوعية محتوى الصحيفة اهتماماً، ونقل راديو مونت كارلو في 27 شباط 2002 أن الآلاف من ركاب مترو الأنفاق اعتادوا على المتابعة اليومية للصحيفة التي تغطي القضايا المحلية والدولية عن طريق نشرها للمقالات والأخبار.

وبعد مرور ثماني سنوات وفي منتصف شهر شباط 2002 وصلت إلى باريس الطبعة الفرنسية من صحيفة (مترو)، فضلاً عن دخول هذه التجربة إلى أكثر من بلد أوروبي.

إن توزيع صحيفة ما أكثر من مليون نسخة يومياً ومجاناً، فإنها توفر للإعلان فرصة الانتشار إلى أكبر عدد ممكن من القراء مقارنة بأعداد الذين يصلهم الإعلان عبر الصحيفة المباعة، وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال، كيف يمكن تمويل الصحيفة المجانية؟ إذ إن الإعلان يعد مصدر أساس من مصادر تمويلها، خاصة وأنها تقدم خدمة جيدة تثير رغبة المتلقي لمحتواها.

إن اعتماد الإعلام الدولي أسلوب جديد يعرف بـ(الصحافة المجانيَّة) أخذ اهتماماً كبيراً بعد أن توسعت حركة الجمهور وتنقلهم عبر وسائط النقل العام والخاص في المدن الأوروبية، أسهمت في تطور تلك الصحف بينما الواقع يشير إلى أن اغلبها تمتلك مؤسسات إعلامية تصدر صحفا مباعة أخرى.

ووفقاً للإحصائيات التي أعدت لهذا الغرض في المدة (2000 – 2005) فإنها تشير إلى أن أعداد الصحف المجانية كانت في عام 2000 أربعين صحيفة، بينما ازدادت في عام 2005 فبلغت أكثر من مئة صحيفة أي أن نسبة الزيادة خلال خمس سنوات وصلت أعلى من الضعف، أما معدلات التوزيع فقد ازدادت أيضا من ثمانية ملايين إلى ثلاثة وعشرين مليون نسخة خلال المدة ذاتها أي أن نسبة الزيادة وصلت الضعفين تقريباً، ونستنتج من ذلك أن تلك التجربة في تطور مستمر.

إذ مثلت أكثر من نسبة 20 بالمئة من إجمالي أعداد الصحف الصادرة في الدول الأوروبية مثل السويد وأسبانيا وسويسرا وفرنسا وايطاليا والدنمارك وسنغافورة والبرتغال واليونان والتشيك وأيسلندا والمجر، فعلى سبيل المثال صحيفة (مترو) ومركزها السويد أنموذجاً للنجاح فقد تجاوز توزيعها حدود الدولة الواحدة، إذ توزع ستة ملايين نسخة ولديها سبعة وخمسون طبعة توزع في واحد وثمانين مدينة داخل ثماني عشرة دولة.

فيما شهدت البلدان العربية ولادة تجربة إعلامية في إصدار الصحف المجانيَّة مطلع عام 2007 في ثلاثة دول تصدرتها المغرب وتلتها مصر وثم السودان.

وفي المغرب صدرت (أو فيت) أول صحيفة إخبارية يومية ناطقة باللغة الفرنسية توزع في المغرب صدرت مطلع شهر آذار ويديرها فريق تحرير يضم سبعة صحفيين شباب بواسطة موقعها على الانترنت للحصول على المعلومات والتوزيع في مدن الرباط ومراكش وفاس وطنجة والدار البيضاء، بواقع خمسة وعشرون ألف نسخة يومياً لصحيفة ملونة تتكون من ثمان عشرة صفحة من حجم التابلويد مستهدفة شريحة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (25 – 40) سنة خاصة الذين يجيدون اللغة الفرنسية.

أما العاصمة المصرية القاهرة فصدرت فيها (24 ساعة) منتصف شهر تشرين الأول أول صحيفة يومية مزجت بين فنون التحرير الصحفي والمساحة المخصصة للإعلان، ويبلغ عدد العاملين فيها أكثر من 150 صحفياً ومترجماً، فضلاً عن توزيع ثلاثمائة ألف نسخة يومياً عبر موقعها الالكتروني والمنافذ المخصصة لها والساحات الرئيسة والنوادي والأماكن السياحية الأخرى، وبالنظر لدور الإعلان في الصحافة فحددت السياسة التحريرية نسبة الإعلان بـ 25 بالمئة من مساحة الإصدار الإجمالية تتولاها شركة مختصة في الإعلان والتوزيع منفصلة عن إدارة التحرير.

وفي العاصمة السودانية الخرطوم كانت (الأحداث) أول صحيفة سياسية يومية صدرت مطلع شهر أيلول.

ومن الملاحظ أن الصحافة المجانيَّة في الدول العربية لم تدخل ميدان المنافسة، ولم يصل مستوى القناعة بأهمية وجودها إلى درجة عالية، فضلاً عما يؤيد الذي ذهبنا إليه هو قلة أعداد الإصدارات، فهذه التجربة لا تزال حديثة العهد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى