القرارات والأوامر والأحكام القضائيَّة المزوَّرة

كتب زهير كاظم عبود.. ينشر بعض الأشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي قراراتٍ وأحكامًا قضائية مزورة، بقصد الإساءة للأشخاص الذين ترد أسماؤهم في تلك الأحكام والقرارات، وهذه الأحكام والقرارات لا نصيب لها من الصحة، وتشكل بالإضافة إلى أنها جناية يعاقب عليها القانون، فإنها تعد مساسا بهيبة القضاء والدولة بشكل عام، كما تعد تضليلا للرأي العام.
إن مثل هذه القرارات والأحكام المزورة تقع ضمن باب جرائم التزوير في المحررات الرسمية، ويعاقب عليها القانون بعقوبة مشددة، كما أنها تتضمن نشر أخبار كاذبة عبر الوسائل الإلكترونية، ويخطئ من يعتقد أنه لا يمكن التوصل إلى حساباته الالكترونية عبر الجهات المختصة، وأيضا عبر الجهات المشرفة والمسؤولة عن تلك الصفحات الالكترونية، وإدارة الجرائم الخاصة بمكافحة جرائم المعلومات تؤدي واجبها القانوني على أكمل وجه، ومن خلال تحليل البصمات الرقمية للجهاز، الذي استعمل في ارتكاب مثل هذه الجريمة، ما يجعل التوصل للجناة سهلا وممكنا.
ما يحز بالنفس ان يتعرض القضاء العراقي المعروف بحياديته وعدالته لمثل هذا الفعل، ويضطر مجلس القضاء الأعلى أو المحكمة المختصة لتكذيب الخبر، ولأن مثل تلك الحالات كثرت في الفترة الأخيرة، حيث لم تجد لها الردع المناسب لإيقافها ومعاقبة مرتكبيها، لذا يستوجب الامر تفعيل التحقيق بشكل عاجل وسريع للتوصل إلى الفاعلين في هذه الجرائم وملاحقتهم، وتجريم الفعل من قبل المحكمة المختصة، وحتى يبقى القضاء العراقي في منأى عن الخلافات السياسية والتسقيط الشخصي، وإن على الجميع أن يتعاون في هذا الجانب، وأن يتم تشجيع المواطنين للإبلاغ عن مثل هذه الحالات.
إن التصدي لمثل هذه الأفعال التي تربك الحقيقة وتسيء لوجه القضاء، تعبر عن تفشي أمراض نفسية وعقد عند مرتكبيها، بحيث لا يجد ما يواجه به الخصم سوى تزوير الأوامر والقرارات القضائية للأسف، ويقع على عاتق المواطنين ممن يطلع على مثل هذه الأحكام والقرارات، عدم التسرع بنشرها وتعميمها، إلا بعد التأكد من صحتها من الجهات، التي تختص بصدورها وفقا للقانون.
ومعالجة مثل هذه الظاهرة تتطلب جهودا متعددة، منها أن يتم تجريم هذه الجريمة باعتبارها تزويرا يمس مكانة القضاء العراقي، وأن يتم تشديد العقوبة باقترانها بالظروف المشددة عند فرض العقوبة، وأن تتم ملاحقة الصفحات والمواقع التي تروج وتنشر مثل هذه القرارات والأحكام المزورة، ونشر ثقافة التحقق واحترام القرارات والأحكام الصادرة عن القضاء العراقي، وأن يتم التنسيق بين المواقع الالكترونية وبين مجلس القضاء الأعلى لمراقبة مثل هذه الظاهرة ورصد التزوير المنشور، بالإضافة إلى القصد الجرمي وراء ارتكاب هذا الفعل.
ويدفع الخلاف الشخصي والسياسي بعض الأشخاص لارتكاب هذا الفعل، ويدلل ذلك على افلاس الشخص وعدم امتلاكه حجة أو وسيلة لمواجهة الخصم بشرف، فيلجأ إلى الوقوع في فخ الجريمة الإلكترونية والتزوير، ما يجعله تحت طائلة القانون وعدالة القضاء، وعلى أن يتم كشف مثل تلك الأسماء لتكون عبرة لغيرها من الأسماء، بغية اعمال العقل والتفكير مليا في الطريق الملتوي، الذي يتم سلوكه تنكيلا بالخصم، ومهمة التصدي لمثل هذه الظاهرة يعد واجبا وطنيا ودعما للعدالة ولهيبة القضاء العراقي.