مقالات
أخر الأخبار

الواجب الأخلاقي تجاه غزة

كتب زيد البيدر.. نعيش لوعة الألم وكمد الحزن وقهر الظلم وصدمة الخذلان مما يحدث لغزة وأهلها، وحشية تفوق قدرة القلوب على تحملها والعقول عن استيعابها، في ظل صمت دولي مخزٍ، عجز اليوم بكل دوله وقادته ومنظماته التي صدعت رؤوسنا بالحديث عن الإنسانية وسلامة البيئة والحيوان، عن ردع دولة الاحتلال الصهيوني.

 

بل تركها تمعن في جرائمها وأخفق بأبسط مهامه الإنسانية المتمثلة بإيصال المساعدات، مما جعل غزة تلفظ آخر أنفاسها، والموت يحيط بسكانها من كل جانب بين رصاصة سفاح قاتل وحصار محتل غاشم. يخطئ من يحمل حماس مسؤولية ما جرى بغزة، فما تقوم به دولة الإرهاب الصهيوني ليس ردة فعل على السابع من أكتوبر، بل إن فعل الإجرام مقترن بنشوء كيان العصابات الصهيونية ونهج تسير وتتغذى عليه، فتاريخها غارق بالعار وكيان تغذى على اغتصاب الأرض وسحق الأبرياء، وخير شاهد على ذلك مذبحة كفر قاسم ومجزرة صبرا وشاتيلا ومجازر أخرى ارتكبتها في غزة قبل عدوانها الأخير.تعكس تصريحات قادة الاحتلال وممارسات عصاباته في غزة عن مخططاتهم الحقيقية الرامية إلى تهجير من تبقى من سكانها ومحاولة إحلال الخراب بكل شبرٍ فيها، لجعلها في النهاية غير صالحة للعيش، وهذا ما أكدته الأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني التي أشارت إلى سقوط أكثر من 53 ألف شهيد، وأكثر من 126 ألف جريح، وتدمير أكثر من 330 ألف وحدة سكنية، فضلًا عن تدمير نحو 90% من بنيتها التحتية.

 

تحاول الماكِنة الإعلامية الصهيونية تشويه صورة أبطال المقاومة الفلسطينية وجعلهم يتحملون مسؤولية ما جرى بغزة، رواية ألفتها الصهيونية وتناقلها الجهلة والمأجورون، وصدقها ويتحدث بها السذج، فانطبق عليهم القول: “من يستطيع أن يجعلك تصدق السخافات يستطيع أن يجعلك ترتكب الفظائع “. فوجود المقاومة في غزة كان ولا يزال صمام أمان وسدًّا منيعًا بوجه الأطماع الصهيونية وبارقة أمل واعدة بتأسيس الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريفة، وتتضح حقيقة ذلك عند مقارنة غزة بالضفة الغربية منذ 1967، وهو تاريخ احتلال المنطقتين، فدولة الاحتلال تمكنت منذ ذلك التاريخ من ضم أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية، في المقابل أجبرت عمليات المقاومة البطولية قوات الاحتلال على الخروج من غزة في 2005، ولنا أمل كبير بالله وبشجاعة قوات المقاومة على إلحاق الهزيمة بقوات الاحتلال في هذه الحرب أيضًا. في وقت انكشفت فيه الوجوه الحقيقية وسقطت فيه الأقنعة، واتضح كذب ونفاق العالم، أصبحت التضحية بالنفس في سبيل فلسطين خيارًا تتمناه شعوب العالم العربي والإسلامي، فواجب الدفاع عن المظلوم شرف لا يناله إلا الأحرار، فشعوب العالم العربي والإسلامي والأحرار من الشعوب الأخرى تعيش اليوم حالة غليان غير مسبوقة نتيجة الوحشية الصهيونية المقترنة بالصمت الدولي، فشعارات حقوق الإنسان أضحت وسائل انتقائية يقترن استخدامها بالمصالح، فضلا عن غياب العدالة، فالدفاع والحماية خُصصت لشعوب دون غيرها، كل ذلك ولّد قناعة لدى الشعوب الحرة أن واجب الدفاع عن غزة وشعبها لم يعد خيارًا إنسانيًّا فقط، بل واجبًا أخلاقيًّا أيضًا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى