مقالات
أخر الأخبار

تجربتنا مع حكومة السوداني ومستقبلها

كتب محما خليل علي آغا.. قبل البدء لا بد للجميع أن يعلم بأن للمكون الكردي خصوصية جَمَلت لوحة الفسيفساء العراقية المتلونة بقومياته وأديانه وطوائفه، وهذه الخصوصية أقرها الدستور العراقي الفيدرالي، الذي جعل المناطق الكردية إقليما قائما بحد ذاته يسبح في فضاء هذا الدستور وقوانينه.

وهذه الخصوصية لم تأتيِ جزافًا إنما جاءت على لإثر مسيرة نضالية طويلة لهذا المكون ضد الدكتاتورية الصدامية المتطرفةـ التي كانت تعامله كشعب درجة ثانية وقمعت حقوقه وارتكبت المجازر بحقه.

وهذه المسيرة النضالية لم تكن من منطلق الإيمان بحقوق الشعب الكردي فحسب، انما منسجمة مع حقوق الشعب العراقي ككل، وهذا ما دفع مناضلي الشعب الكردي إلى الوقوف بخندق واحد مع مناضلي باقي المكونات العراقيَّة، من اجل انتزاع الحقوق من النظام الفاشي والعيش بكرامة.

وبعد 22 عاما من التغيير عمل هذا المكون الأصيل مع باقي مكونات الشعب العراقي على التعامل وفق الدستور في كل القضايا الوطنية للعراق ككل وللإقليم على وجه الخصوص، رغم عدم حل الكثير من القضايا العالقة بين حكومتي المركز والاقليم، أهمها المادة 140 من الدستور وتشريع قانون النفط والغاز والايرادات وغيرها من القضايا.

إلا أننا نجزم أن تجربتنا مع حكومة دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كانت ناجحة بكل المقاييس، رغم عدم حسم جملة من الملفات العالقة بين حكومة الإقليم، فهذه الحكومة انتهجت نهجا خاصا بالتعامل مع الإقليم أساسها احترام هذه الخصوصية والتفاعل معها، وفق مبدأ السياسة الناعمة، التي تعزز المشتركات والحفاظ على التعايش السلمي بين المكونات العراقية ككل.

ونحن اليوم على اعتاب انتهاء الدورة البرلمانية الحالية وانتهاء عمل الحكومة والبدء بمرحلة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، ننظر إلى المستقبل، من خلال الحفاظ على هذا النهج، الذي بدأه السيد السوداني وحكومته الموقرة، ليكون هو المعيار الحقيقي بالتعامل والعمل على تذليل المصاعب والإصرار على انهاء الملفات الاستراتيجية العالقة، خاصة في ما يخص المادة 140 من الدستور، وكذلك تشريع قانون النفط والغاز.

إن هذين الأمرين لو كتب عليهما الإنجاز فإن جميع المشكلات والملفات العالقة بين الطرفين ستنتهي وسيكونان إيذانًا بالبدء بمرحلة حقيقية بالعلاقة، أساسها الوضوح القانوني وتحديد الصلاحيات والواجبات، ومنح الحقوق للشعب الكردي، وكذلك للحكومة العراقية.

لكن هذا لا يعني عدم وجود ملفات أخرى لا بد من حسمها، أهمها الآثار الأليمة التي تركتها عصابات داعش الإرهابية، التي خَلَّفت مظالم جمة، متمثلة بشهداء سبايكر وإبادة المكون الديني الإيزيدي، التي ما زالت هذه الآثار شاخصة حتى هذه اللحظة، متمثلة بوجود الآلاف من المغيبات والمغيبين والنازحين في مخيمات النزوح وخارج المخيمات، وصولا إلى بعض الدول، فضلا عن المقابر الجماعية.

وهذا يتطلب من الحكومة الحالية باعتبارها الجهة السيادية في البلد، الإسراع بإنهاء هذا الملف قبل انتهاء ولاية الدورة النيابية الحالية، لتعبيد الطريق امام الحكومة التي تليها بأجواء أكثر استقرارا وأكثر فرصا للحلول، من إعادة النازحين إلى ديارهم ومنح الحقوق لهم.

ونحن كمهتمين بهذا الملف باعتبارنا ممثلين عن المكون الديني الإيزيدي نعلم جيدا مدى اهتمام السيد السوداني بهذا الملف ونيته الصادقة بإنهائه، لكننا نعلم أن هناك أسبابا كبيرة خارجة عن الإرادة، وقفت بالضد من إنهائه.

وبالنسبة لنا سنبقى نعمل مع الجهات المختصة لإنهاء جميع هذه الملفات خدمة للعراق وللشعب الكردي، وكذلك للمكون الديني الإيزيدي.

 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى