تحذيرات جديدة من تفاقم ملوحة مياه شط العرب

حذر مختصون في الشأن البيئي، اليوم الأحد، من اتساع مخاطر التلوث الحاصل في شط العرب، مؤكدين أن حجم ذلك التلوث امتد لمسافة 210 كم متر، وهو ما ينذر بكارثة بيئية يمكن أن تؤدي إلى حصول شحٍّ خطير في مياه الشرب.
وفي وقت سابق، تظاهر المئات من أهالي ناحية الشرش في قضاء القرنة شمال البصرة للمطالبة بمعالجة عاجلة لأزمة الملوحة التي أثرت كثيراً في الواقع البيئي والصحفي والزراعي في مناطقهم .
وقال الخبير البيئي، علاء البدران في تصريح للصحيفة الرسمية وتابعته “خليك ويانة”، إن “تملُّح مياه شط العرب من نقطة التقاء نهري دجلة والفرات حتى مصبه في رأس البيشة شمال الخليج العربي قد غير من تصنيفه من نهر عذب إلى بحري، مشيراً إلى أن نسبة ملوحة المياه في قضاء الشرش بالقرنة بلغت حوالي ثلاثة آلاف جزء بالمليون مقارنة بألف جزء بالمليون كحدٍّ أقصى للاستهلاك البشري وفقاً للمعايير الدولية والعراقية”.
ونوه، بأن ظاهرة التملُّح للمياه العذبة في شط العرب تتكون نتيجة للمدِّ البحري المُنساب تحت المياه العذبة ليختلط المالح البحري والمياه العليا العذبة بعد تحركه للجريان المعاكس، مما تسبب في كارثة الملوحة والتي وصلت مؤخراً إلى نقطة الصفر في تكونه عند ملتقى نهري دجلة والفرات في قضاء القرنة، مبيناً أن أزمة ملوحة شط العرب تمتد إلى أوائل تسعينيات القرن الماضي والتي برزت بشكل مؤثر في حياة الفرد والمناطق الزراعية.
وأضاف البدران، في عام 2019 حذرت وزارة الموارد المائية من ارتفاع نسب التلوث في نهر دجلة بعد تراجع منسوب الإطلاقات المائية وتصريف كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي من دون معالجة، مبيناً أن المعالجات السابقة لم تفضِ إلى حلٍّ شامل لظاهرة التملُّح التي تمتد تحت المياه العذبة ثم بعد تحركها تختلط بالمياه العذبة تدريجياً حيث تتراوح بنحو ثلاثين ألف جزء بالميلون في منطقة الفاو إلى 15 ألف جزء بالميلون في مركز المحافظة صعوداً إلى شمال البصرة، بنحو ثلاثة آلاف جزء بالميلون عند ملتقى نهري دجلة والفرات في منطقة القرنة.
ولفت الخبير البيئي، إلى أسباب أخرى أسهمت بذلك التلوث، منها طرح المياه الصناعية والزراعية في عموم البلاد في نهري دجلة والفرات من دون معالجة، أو قد تكون هناك معالجة تصل إلى 50 بالمئة كذلك بسبب ما تعانيه أنابيب مياه الصرف الصحي من تكسُّرات أو تقادم جزء منها، فضلاً عن زيادة عدد السكان في العاصمة والمحافظات، قياساً في وحدات المعالجة القائمة التي تعمل لكثافة سكانية معينة، ما أدى لتشكل كارثة بيئية أخرى تحتاج إلى معالجات حقيقية من خلال إقامة مشاريع بديلة تنقذ الإنسان والزراعة والحيوانات.
إلى ذلك تظاهر عدد من أهالي ناحية الشرش في قضاء القرنة شمالي البصرة، خلال الأيام الماضية للمطالبة بمعالجة أزمة ملوحة المياه بعد أن وصلت إلى مستويات “لا تُحتمل”.
وأشار المتظاهرون إلى أن هذه الأزمة تسببت في انتشار الأمراض بين السكان، وتدمير المحاصيل الزراعية، ونفوق أعداد كبيرة من المواشي، مما أدى إلى أضرار صحية ومعيشية خطيرة في المنطقة، على حدِّ قولهم في تصريحات صحفية، مطالبين محافظة البصرة بالإسراع بتشغيل مشروع محطة التصفية والتحلية المركزية في قضاء القرنة، التي تبلغ سعتها 6000 متر مكعب بالساعة، مؤكدين أن إنجاز هذا المشروع كفيل بتوفير مياه صالحة للاستخدام البشري والزراعي والحدّ من الأضرار البيئية المتفاقمة.
بدورهم بين مسؤلون في مديرية ماء البصرة، وخلال تصريحات سابقة بأن نسبة الملوحة في مركز المحافظة سجلت أكثر من 20 ألف جزء بالميلون وحوالي 25 ألف جزء بالمليون في مناطق الفاو والسيبة، ووفقاً للبيانات الرسمية فقد وثقت بأن نسبة الملوحة قد تجاوزت أكثر من عشرة آلاف جزء بالمليون في مناطق الدير وكرمة علي والمشروع الإروائي في قضاء شط العرب، مشيرين إلى أن وحدات التحلية بضمنها الياباني ومشروع ماء البدعة توفر بحدود 40 بالمئة من احتياجات السكان للمياه العذبة البالغة 2 مليون متر مكعب يومياً مما يضطرهم إلى استخدام نظام المراشنة بين المناطق باستثناء بعض المناطق في شمال القرنة والزبير وأم قصر، على الرغم من تنفيذ برامج مستعجلة واستراتيجية أعلنت عن افتتاحها.
ورداً على تزايد نسب الملوحة والتلوثات الحاصلة، أوضح مدير الموارد المائية بالبصرة، مازن جاسم بأن ارتفاع ملوحة مياه شط العرب حاصل بسبب تقدم المدِّ الملحي ، ومتأثراً بتغير الظروف المناخية وزيادة ساعات المدِّ وقلة ساعات الجزر، مشيراً إلى أن انخفاض الإطلاقات المائية للبصرة حالياً من مؤخر ناظم قلعة صالح في جنوب ميسان، ساعد كذلك على زيادة إضافية في ملوحة المياه.
ولفت جاسم، إلى تعرض العراق لأسوء سنة شحِّ مائي، وأقل خزين في تاريخ البلاد، مبيناً أن الوزاره اتخذت إجراءات احتياطية تمثلت في ترشيد توزيع الحصص المائية للمحافظات ريثما تتحسن الأوضاع خلال موسم الأمطار، عازياً أزمة الخزين المائي إلى قلة و انخفاض الواردات من تركيا.
من ناحيته، يقول أبو ياسين، وهو رجل أربعيني من أهالي أبو الخصيب،: إن كلفة شراء مياه الصهاريج والمعلبة تكلفنا مبالغ مالية، مؤكداً بأن حوالي 30 بالمئة من أهالي البصرة لا يقدرون على توفير تلك المبالغ، مبيناً أن ذلك الأمر ناجم عن ندرة المياه وارتفاع نسب الملوحة.



