مقالات
أخر الأخبار

عيد العمال والمنظور العالمي

كتب حسن الكعبي.. تنطلق أغلب القراءات والمراجعات لمناسبة عيد العمال من المثابات التاريخية، التي شكلت هذه المناسبة، ومنحتها بعدها العالمي – اي فضاؤها الزمني المحدد بالقرن التاسع عشر – واطرها المكانية انطلاقا من استراليا، وصولا إلى تبنيها في اماكن عدة من العالم الغربي، وانتهاء بتبنيها كقضية كبرى في الفضاء العالمي – ونقصد بذلك قضية هايماركت – التي تضمنت المطالبة بتحديد ساعات العمل وقوننته ضمن ثماني ساعات،

اضافة إلى المقاربة التي تستجلي البعد الايديولوجي ضمن هذه القضية بطابعها الثوري، ضمن محددات التصورات الشيوعية واهتمامها بمسائل البروليتاريا واولويات العمال وحقوقهم في التشكيل النقابي الذي يضمن حقوقيات العمل، بعيدا عن اضطهادات البروجوازية ومصادراتها لجهود العمال، الذين يشكلون المرتكز الاساس للبنية التحتية بتجلياتها الاجتماعية والاقتصادية.إن هذه القراءات رغم أهميتها في اضاءة التشكلات التاريخية والأيديولوجية لمفهوم عيد العمال، والكشف عن الملابسات والاشكاليات الحافة بهذا المفهوم، إلا أنها – أي هذه القراءات – يجب ألّا تتوقف عند حدود هذه المقاربة وجعلها الأساس في كل ذكرى لهذه المناسبة، دون الانزياح عنها إلى مثابات مستقبلية تتعلق بهذه القضية العالمية، إضافة إلى ضرورة تخليصها من مهيمنها الأيديولوجي، انطلاقا من كونها قضية تنتمي إلى الفضاء العالمي دون ان تنفرد بها رقعة جغرافية أو اساس أيديولوجي متحكم، وفي اطار هذه القراءات والمقاربات التي تستشرف الاشكاليات على ضوء الاساس التاريخي للقضايا العمالية يمكن الوصول إلى حلول جوهرية في كثير من المشاكل المتفاقمة في اغلب بلداننا العربية التي تعاني من ترديات اقتصادية كبيرة وتفشي البطالة بشكل مريع.يستدعي الاهتمام بقضية العمال، اهتماما اكبر بقضايا الصناعة المحلية، التي استبعدت عن دائرة اهتمام اغلب سياسات البلدان العربية بطابعها الريعي ونزعتها الاستهلاكية، التي اسهمت كثيرا في صناعة الازمات الاقتصادية وتفشي البطالة، فهذا الطابع أي الاعتماد الريعي وهذه النزعة الاستهلاكية لا يوفران ضمانا اقتصاديا مستقرا، فالمتابع الاقتصادي يعرف جيدا خضوعهما لتحكمات واحتكارات الأسواق العالمية الكبرى، ومن ثم فإنهما عرضة للتزعزع، وبالتالي الاسهام في التدهورات الاقتصادية، التي عانت منهما اكثر البلدان باعتمادها على هذه النمط المعيشي.

إن التشكلات التاريخية لمفهوم حقوقيات العمال ومنطلقاتها الاحتدامية يمكن أن تكون استراتيجية قراءة في فحص ازمة الاهتمام بالصناعات المحلية والتي يستدعي الاهتمام بها توفير ضمانات حقيقية للنهوض الاقتصادي لأي بلد يطمح بتوفير مناخات الرفاهية الاقتصادية لمواطنيه، كما يتيح ضمنا حقوقيات العمال وتقديم أفضل الحلول لمشكلات البطالة المتفاقمة مع كل تعزيز للنزعات الاستهلاكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى