مقالات

قانون الاستثمار الزراعي.. حاجةٌ ملحّة

 كتب سلام مكي: نشرت جريدة الصباح الغراء في عددها الصادر يوم 30 /10 /2025 خبرا مهما عن عزم خبراء وزارة الزراعة إعداد مسودة قانون جديد يخص الاستثمار الزراعي. هذا الخبر المهم الذي نأمل في أن يكون نواة حقيقية لقانون يختص بالاستثمار الزراعي فقط. وكما ورد في تصريح مدير دائرة الاستثمارات الزراعية في وزارة الزراعة من أن قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 جاء شاملا لكل القطاعات ولم يختص بالزراعة فقط، ولأن الجانب الزراعي، له ميزة وخصوصية تتمثل بأن الاجراءات الادارية والقانونية تختلف عن الاستثمار في باقي المجالات كالصناعي أو السكني، ذلك من ناحية سهولة الاجراءات وغيرها من الخصوصية للاستثمار في هذا المجال.

العراق، وكما يعلم الجميع، يمتلك مساحات كبيرة صالحة للزراعة وبمختلف المحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة، وإن الاختلاف البيّن في مناخه، يساهم بتنوع المحاصيل من محافظة الى أخرى، لكن ينبغي، وقبل كل شيء التذكير بأهم مشكلة حقيقية تواجه الزراعة في العراق، وهي الأزمة المائية الحالية، تراجع مناسيب مياه نهري دجلة والفرات، وقلة الاطلاقات المائية من دول المنبع، يجعل من زراعة الفلاحين لأراضيهم أمرا شبه مستحيل في ظل عدم وجود مياه لإرواء تلك المحاصيل. فكرة تشريع قانون للاستثمارات الزراعية أمرا مهما كما قلنا ووجوده يشجع المزارعين والمستثمرين على استغلال المساحات الواسعة من الأراضي الزراعية غير المستغلة حاليا، اضافة الى تحقيق هدف أهم وأوسع وهو تشغيل الأيدي العاملة وتخفيف الزخم الهائل على الوظائف العامة، لكون الشاب العراقي سواء كان يمتلك شهادة دراسية أو لا يمتلك سيتوجه على القطاع الخاص، للعمل هناك. كما أن هذا القانون سيساهم برفع صادرات البلد من المحاصيل الزراعية مما يؤدي الى تقليل خروج العملة الصعبة الى الخارج ورفع قيمة العملة المحلية داخليا وخارجيا.

إن مفهوم الاستثمار الزراعي لا يقتصر على الزراعة فقط، بل يشمل أمورا أبعد من ذلك منها الصناعة في المجال الزراعي، إذ إن هنالك محاصيل ومنتوجات زراعية تدخل في مجال الصناعات، منها صناعة التمور التي بدأ الكثير من المستثمرين بالتوجه لهذه الصناعة الفتية، إذ يتم استيراد الأصناف النادرة والتي لا تزرع داخل البلد ثم تتم معالجتها صناعيا لتتحول الى منتجات قابلة للاستهلاك بطعم جديد ومختلف. وهنالك منتجات أخرى مثل تربية المواشي والأغنام وصناعة معجون الطماطم. كلها صناعات تتداخل مع الزراعة، لتشكل وحدة واحدة متكاملة، تسهم الى حد كبير برفد الاقتصاد العراقي بخبرات وطنية وأيدي عاملة واستثمارات ضخمة، ورؤوس أموال تتدفق الى السوق العراقي، لتجعل منه أرضا خصبة للاستثمارات العالمية.

إن توفير بيئة قانونية سليمة، تحمي المستثمرين بهذا الجانب، له من الأهمية الكبيرة ما يجعل سببا مباشرا في ازدهار الواقع الزراعي في البلد، والنهوض بالصناعة المختصة بالقطاع الزراعي، ومجلس النواب القادم، مطالب في حال اكتمال مشروع القانون بأن يقره بعد ممارسة دوره بالتشريع والتعديل، لأنه سيكون اضافة مهمة للاستثمار في العراق، وأن يجعله ضمن أولوياتهن وإلا فإن الاستثمار في القطاع الزراعي سيبقى على ما هو عليه، من تراجع مستمر وعدم قدرة على استيعاب الحاجة الفعلية للبلد من المنتجات الزراعية التي يحتاجها السوق العراقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى