
كتب حسين علي الحمداني.. ثورة 14 تموز 1958 ارتبطت باسم الزعيم عبد الكريم قاسم، ذلك الرجل الذي ظل اسمه راسخا في الذاكرة العراقية حتى للأجيال التي لم تعش مرحلته عبر ما تم تداوله من إنجازات ومواقف وشواهد كثيرة أكدت أن مرحلة جمهورية عبد الكريم قاسم كانت متميزة في ما أنجزته في حقبة زمنية قصيرة وموارد اقتصادية محدودة.
ويعود السبب في بقاء اسم عبد الكريم قاسم يتردد ويضرب به المثل يكمن في عدة عوامل أهمها، إنه طبق فعلياً مبدأ ( العراقيون أولا) وهذا ما تجلى بوضوح في دعم عدد كبير من المشاريع لا سيما في القطاع الزراعي، وتجسد ذلك في قانون الإصلاح الزراعي الذي حرر الفلاح العراقي من سطوة الإقطاع وساهم ذلك كثيرا في إرتفاع المستوى المعاشي للفلاح العراقي.
مضافا لذلك إن الفترة من تموز 1958 وحتى شباط 1963 تم بناء أكثر من 2300 مدرسة في عموم العراق، وهو ما يؤكد سعي الحكومة آنذاك لرفع مستوى التعليم لدى الشعب العراقي خاصة في المناطق الريفية التي كانت تعاني من نقص المدارس وإنعدامها في الكثير منها، وفي الجانب الصحي تم بناء عددا كبيرا جدا من المستشفيات في عموم محافظات العراق كانت تعرف حينها باسم (المستشفى الجمهوري)، وهنالك عدد كبير جدا أيضا من المشاريع والمعامل والسدود والمدن الجديدة التي أنشأت في تلك الفترة.
وهذا يعكس إن حكومة ثورة 14 تموز 1958 وضعت من أولوياتها الشعب العراقي، وهذا ما تأكد عملياً من الإنجازات الكبيرة التي ظلت الكثير منها شاخصة حتى يومنا هذا لتؤكد إنها كانت مرحلة إنجازات كبيرة.
من هنا وجدنا إن الزعيم عبد الكريم قاسم نجح في كسب الشعب العراقي الذي لمس للمرة الأولى حكم وطني حقيقي يشعر بما يحتاجه الشعب ووضع ذلك في أولوياته وخصص الميزانية لهذه المشاريع مع وجود جهاز رقابي يسأل ويراقب ويحاسب ويتابع كل هذه المشاريع التي امتدت على كامل جغرافيا العراق من شماله حتى جنوبه.
وهذا ما يقودنا للقول إن مرحلة التأسيس للجمهورية في العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم قد وضعت الأسس الصحيحة عبر إعطاء الأولوية لبناء مؤسسات الدولة، والبنى التحتية، والاقتصاد المتحرر من التبعية للخارج، وكسب ثقة الشعب وتمتين جسور التواصل معه ميدانيا، الشعور بقيمة التحول من نظام ملكي إلى نظام جمهوري وطني، لذا كان الفرق واضحاً للعيان بين ما أنجزه النظام الملكي في عقود حكمه وبين ما أنجز في خمس سنوات من حقبة الجمهورية الأولى، تلك الإنجازات، التي دفعت عجلة الإقتصاد العراقي للتطور والتحرر من التبعية لبريطانية التي ظلت تتحكم بالاقتصاد العراقي عبر السيطرة على موارد البلد لا سيما النفط ، مضافا لذلك إبعاد العراق عن سياسة المحاور والتحالفات التي حاولت بريطانيا ربط العراق بها قبل ثورة تموز 1958.