
كتب عبد الزهرة محمد الهنداوي.. هل نحن بحاجة إلى مؤسسة أو تشكيل لإدارة الطوارئ؟ بمعنى اخر هل طوارئنا من الشدة لدرجة انها تحتاج إلى ادارة؟.
وهل نجحنا في مواجهة ازماتنا الطارئة، بمختلف توصيفاتها، وهل حالنا افضل ام اسوأ من بلدان المنطقة؟.
تساؤلات كثيرة قفزت امامي وانا استمع لاحد المحاضرين وهو يتحدث عن اهمية ادارة الطوارئ، ولعلني غبت بذهني وذهبت بعيدا عما كان يتحدث به المحاضر من فلسفة اكاديمية، تؤكد في نهايتها، ضرورة التعامل مع الازمات الطارئة بحالة استباقية، وليست تزامنية، أو بعدية، ولهذا السبب، نجد في مستشفياتنا ردهات خاصة للحالات الطارئة، وهذه الردهات ينبغي ان تبقى على جهوزية تامة على مدار اليوم والليلة.
وعلى الرغم من هذا الاستعداد، فإننا نلاحظ في احيان ليست قليلة، حدوث حالات ارتباك في تلك الردهات في حال وجود حادث مروري مثلا تسبب باصابات بالغة ولعدد غير قليل من الافراد، من قبيل ضعف الطاقة الاستيعابية، أو قلة المستلزمات، أو عدم تواجد الكوادر الطبية والصحية
الكافية.
وهنا لستُ بصدد الحديث عن واقع ردهات الطوارئ في مستشفياتنا أو انتقادها، فهذه الردهات كما باقي اقسام المشافي شهدت تحسنا ملحوظا، واقول ذلك عن معايشة ميدانية، اذ نُقلتُ قبل اسابيع إلى ردهة طوارئ مستشفى الكندي وسط بغداد، اثر تعرضي لمغص معوي حاد، وهناك لمست مستوى الخدمات وحجم الرعاية والاهتمام، حدث كل ذلك من دون (واسطة) من قبل الزميل الدكتور سيف البدر الناطق الرسمي لوزارة الصحة، الذي علم بالأمر بعد مغادرتي المستشفى عبر احد الاصدقاء المشتركين.
فحوى حديثي يتعلق بالأزمات والكوارث، التي قد تحدث – لاسمح الله- سواء كانت تلك الازمات، صحية أو امنية أو اقتصادية أو طبيعية، اذ ما زالت ايام كورونا (الكوفيد) شاخصة في الاذهان، تلك الازمة التي أدّت إلى انهيار الانظمة الصحية لدول طالما كنا نعتقد انها رصينة لا يمكن ان تنهار بهذه السرعة، مع الاشارة إلى ان تلك البلدان ربما كانت لديها مجسات، وقراءات استباقية لمواجهة مثل هذه الازمة، اما في العراق، فكان الوضع مختلفا، نعم الامر لم يكن سهلا، إلا أن التضحيات والبطولات التي قدمها العراقيون، كانت بمستوى جسامة الحدث، فتجاوزناه، مع فقدنا للكثير من الاحبة رحمهم الله جميعا.
أنا هنا أتحدث عن فكرة وفلسفة ادارة الطوارئ تلك التي تحدث عنها المحاضر الذي ضرب لنا مثلا، بانفجار مرفأ بيروت عام 2020، والذي اظهر هشاشة الوضع في لبنان، ومن هنا علينا ان نضع حساباتنا لأشد الازمات ايلاما، لا سيما نحن نعيش وسط حالة من اللايقين يشهدها العالم، ترتبط بالصراعات الراهنة والمحتملة ومضاعفاتها الجانبية، اقتصاديا وامنيا واجتماعيا، ناهيكم عن ما ينجم من تداعيات التغيرات المناخية، التي بدأت تلقي بظلال قاتمة على الامن الانساني، وخصوصا على الشرائح الهشة في المجتمعات.
خلاصة القول اننا بحاجة ماسة إلى التفكير جديا، بإيقاد ادارة دائمة للازمات، وعدم الاكتفاء بتشكيل خلية مؤقتة لمواجهة الازمة بعد وقوعها، فهذا بالتأكيد سيجنبنا الكثير من المضاعفات والارتدادات، التي تنجم عن تلك الازمات، ولكن شريطة أن تضم هذه الإدارة خبراء متخصصين في مختلف المجالات.